رغم فرض تركيا إجراءات صارمة على مواطنيها للحد من تفشي جائحة كورونا، تفتح أبوابها أمام السياح، مستثنية إياهم من كل القيود، في محاولة لإنعاش السياحة وتنشيط اقتصادها المتدهور.
وأدت أزمة العملة المستمرة إلى ارتفاع قيمة الدولار مقابل الليرة بنسبة 60 في المئة في حوالي عامين، ما يعني أن الإجازات في تركيا أصبحت رخيصة. وقد تكلف غرفة في فندق فخم أقل من “ار بي ان بي” في عاصمة أوروبية.
فإذا تجنب السياح ابداء رأيهم بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، متفادين انضمامهم إلى 36 ألف شخص خضعوا للتحقيق بتهمة إهانة الرئيس في عام واحد، ستكون تركيا الوجهة السياحية الفضلى لديهم هذا العام.
ومن أجل إنعاش السياحة، استثنت تركيا السياح من إجراءات الإغلاق المفروضة في الدولة للحد من تفشي جائحة كورونا.
وفي وقت يرغم الأتراك على التزام منازلهم من أواخر نيسان (أبريل) إلى 17 أيار (مايو) نتيجة زيادة عدد الإصابات والوفيات، “يستبيح” السياح في الدولة.
والواقع أنَّ الشرطة أخرجت المواطنين الأتراك من المسابح وألقت القبض عليهم مع فرض غرامة قدرها 3180 ليرة، ما يعادل 380 دولاراً أميركياً، أي ما يفوق الحد الأدنى للأجور الشهرية، ومنعتهم من شراء الكحول خلال الإغلاق، في وقت يسير الأجانب في شوارع اسطنبول الخالية، ويسترخون على شواطئ ساحل المتوسط، ويتمكنون من تناول الكحول بحرية في الفنادق.
واعتباراً من 15 أيار (مايو)، لم تعد السلطات التركية تشترط على الوافدين من أكثر من 12 دولة، ومنها بريطانيا، نتيجة اختبار سلبية عند وصولهم.
وتعهد وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو بتلقيح “أي شخص يمكن أن يخالطه السائح” مع حلول نهاية الشهر، ومنهم موظفو الفنادق، في وقت لا يزال الأتراك ينتظرون تلقي الجرعة الأولى من اللقاح.
وتباطأت عملية التلقيح في الدولة بعدما أرسلت الصين 27 مليون جرعة من لقاح “سينوفاك”، بعد تعهدها بتسليم 100 مليون جرعة إلى تركيا.
والواقع أنَّ تركيا تعتمد على القطاع السياحي إلى حد كبير. وقبل عامين، حققت الصناعة 34,5 مليار دولار، إلا أنَّ الأرقام تراجعت إلى 12,6 مليار دولار العام الماضي بسبب تفشي الجائحة، ما أدى إلى تضخم عجز الحساب الجاري في البلاد.
وقد يزداد الوضع سوءاً هذا العام، مع انخفاض إيرادات السياحة بنسبة 40 في المئة بين كانون الثاني (يناير) وآذار (مارس)، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وأدرجت بريطانيا هذا الأسبوع تركيا في “اللائحة الحمراء” للسفر، مانعة الرحلات السياحية إليها، فضلاً عن فرض حجر صحي الزامي للقادمين منها.
وأرغم القرار الراهن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم على نقل نهائي دوري أبطال أوروبا بين الناديين مانشستر سيتي وتشيلسي، من إسطنبول إلى مدينة بورتو.
وبعدما شكل الروس النسبة الكبرى من السياح في تركيا العام الماضي، علقت روسيا جميع الرحلات الجوية إلى تركيا تقريباً حتى حزيران (يونيو).
وجاء ذلك بعدما انتقد أردوغان ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، ودعم خطط أوكرانيا للانضمام إلى “منظمة حلف شمال الأطلسي” (الناتو).
وأدى الإغلاق الجديد إلى تراجع عدد الإصابات، بعدما سجلت الدولة أكثر من 60 ألف إصابة يومياً في نيسان (أبريل)، ما يوفر بعض الأمل في انتعاش السياحة خلال الصيف.
ومع ذلك، أثار التناقض في تعامل السلطات التركية مع السكان المحليين والسياح غضب الأتراك.
وانتشر إعلان سياحي ساخر عبر مواقع التواصل الاجتماعي كتب فيه “تركيا بلا حدود” مع صورة لشاطئ شبه مهجور، وأضيف عليه عبارة: “متوفر الآن من دون أتراك”.